المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرار الى جهنم -___إبراهيم الميرغني


علي الشريف احمد
11-04-2012, 08:14 PM
http://1.bp.blogspot.com/-wKiYmTqQeaw/TlLLJJmhwTI/AAAAAAAABbo/6QAUwHNJUYQ/s1600/Avatar+%252810%2529.jpg (http://1.bp.blogspot.com/-wKiYmTqQeaw/TlLLJJmhwTI/AAAAAAAABbo/6QAUwHNJUYQ/s1600/Avatar+%252810%2529.jpg)

"إن طغيان الفرد أهون أنواع الطغيان فهو فرد في كل حال وتزيله الجماعة ، ويزيله فرد تافه بوسيلة ما.. أما طغيان الجموع فهو أشد صنوف الطغيان فمن يقف أمام التيار الجارف والقوة الشاملة العمياء.. كم احب حرية الجموع ، وانطلاقها بلا سيد ، وقد كسرت اصفادها وزغردت وغنت بعد التأوه والعناء.. ولكني كم أخشاها وأتوجس منها.


إني احب الجموع كما أحب أبي وأخشاها كما أخشاه.."



معمر القذافى..


من رسالة "الطريق الى جهنم"


دائماً ما اسرنى هذا الجزء من رسالة ( الفرار الى جهنم) ، محاولاً تجاوز من نسبت اليه حتى يتحرر عندي النص من عقدة الكاتب، الكاتب الذى اجده مندساً بين السطور تارة ليملي علي فهماً محدداً لجملةٍ ما.. وتارة اخرى عندما يجدني مستعصماً برؤيتي الذاتية يحاول فقط ان يلقي بظلاله على المعاني حتى تاخذ بعضاً من ملامحه...


ولكن هيهات كنت دوما اهزمه وأفوز بلذة الاستمتاع كما اشتهي أنا ..


http://2.bp.blogspot.com/-7Nq0TTdEy8g/TlLO0MbuRzI/AAAAAAAABbs/uGmBBu4uv4k/s320/gadhafi-2.jpg (http://2.bp.blogspot.com/-7Nq0TTdEy8g/TlLO0MbuRzI/AAAAAAAABbs/uGmBBu4uv4k/s1600/gadhafi-2.jpg)عدا يوم امس!.. فبمجرد مشاهدتي لثوار ليبيا يدخلون الساحة الخضراء مبتهجين ومنتصرين ، حتى فاجأتني رغبة غريبة فى ان أعيد قراءة الرسالة التى كتبها القائد المخلوع قبل سنوات، عسى ان اجد فى هذه اللحظة التى توقف عندها التاريخ، نافذة أتطلع عبرها لرؤية مختلفة للأشياء التى تتداعى من حولنا.. ولكن هذه المرة كنت تواقاً ان أجد معمر محمد عبد السلام ابو منيار، المعروف بمعمر القذافى، أن أجده ماثلاً بذاته الكاملة ومتجلياً بكلياته فى النص، ليملي علي ما يشاء، فهو اليوم عندى مجرد من كل ما كان.

وجدته اول ما ولجت فى غياهب النص رجل ينازع سكرة الموت دون موت.. ولكن كشف عنه غطاءه فبصره اليوم حديد .. كان التطابق والتماثل بين النص وراهن اللحظة مثيرٌ للخوف، عندما تجد ان الرسالة وكأنها كتبت يوم غد...


فهل كانت لحظة استبصار؟ ام برهة استشراف للمكنون؟ ام انه قارب وماثل تجارب اخرى؟؟ لكن حتى وان سلمنا و آمنا بان التاريخ يعيد نفسه، فلا يعقل ان يعيده بهذا التماثل.. وكأني به جالس فى رحم الغيب يسمع صرير الأقلام على الصحف يدون بعض ما يسمع. قلت فى نفسي وانا اتوغل فى النص، وجدتها!! الرجل متعلق بإفريقيا وله بها اهتمام خاص. جال فيها ومر على مدنها وغاباتها وصحاريها. وبالرجل هوس لل (الكجور) السحر الأفريقي القديم الذى تختلط فيه الأديان والطقوس الموغلة فى القدم لتستخلص تجارب فى السحر الاسود لم تعرفها البشرية على مر عصورها..


عند هذه النقطه صحت مرة اخرى.. وجدتها!! لقد جمع الرجل السحرة من ( تمبكتو ولاليبيلا وغدامس وكانو) مجموعة من أساطين السحرة مسخرين معهم ( كتائب) من الجن لا شغل لهم غير تسقط اخبار السماء، ينج منهم من ينج ومن يصيبه شهابا رصداً يستبدلوه.. حتى صار القائد ملهماً عالماً ببعض ما يدور عند هاروت وماروت.. عندما وصلت لهذه النقطة احسست بمدى سخافة تفكيري.. ووجدته ينظر الي بعين فيها الكثير من التحقير وعدم الاكتراث، وهو يواصل مخاطبته لأناس غير موجودين اصلا لقبائل صحراوية اندثرت منذ قرون...


يأمرهم بالزحف والرقص والغناء والقتال فى وقت واحد.. وهم يفعلون ذلك فى عدمهم ، يزحفون ويقاتلون ويرقصون.. فرسان من الرمال تنهض خيولهم من بين الرمال وتنعدم فيها.. فيالق من الافيال قادمة من عمق الأدغال ستدك الثوار دكاً وتطهر ليبيا من الجرذان والعملاء.. وأنا مؤمن كل الايمان انه يراهم ماثلين أمامه يراهم رؤي العين كما رأى من قبل الجموع وهى تزحف عليه، كما رأى والده وهو يضربه هو وامه بلا رحمة.. كما رأى نفسه ملكاً متوجاً على عرش الفاتنة الافريقية السمراء.. أنا مؤمن انه يراهم ويأمرهم فيطيعوه.. الى الامام.. الى الامام.. الى الامام....


وضعت النص جانباً وعدت إلى نشرة الاخبار.. وجدت مقدمة النشرة تسأل الضيف عن مكان تواجد القذافي، ابتسمت فى دواخلي.. فانا اعلم جيداً ان الرجل قد فر ومنذ زمن بعيد..الى جهنم...

إبراهيم أحمد الميرغني