المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنقاذ ثورة ...أم إنقلاب ؟ (مقال من صحيفة الأصل)


علي الشريف احمد
08-19-2012, 12:32 AM
بعد تصريحات قادتها الأخيرة
الإنقاذ ثورة ...أم إنقلاب ؟
يتحدث قادة المؤتمر الوطني عن أن الربيع العربي في السودان قد بدأ في العام 1989 في إشارة منهم إلى الإنقلاب العسكري الذي قامت به حينها الجبهة الإسلامية القومية،فالفرق بين الإنقلاب والثورة لا يحتاج إلى (درس عصر)لاسيما في الفقه القانوني الدستوري،فلا يعقل أن نلوي عنق الحقيقة ونسمي ونطلق على الإنقلاب صفة الثورة اللهم إلا أن كان الحديث من باب الإستهلاك السياسي فقط لأن القاصي والداني يعلم أن الجبهة الاسلامية القومية انقلبت على نظام ديمقراطي منتخب أي نظام حكم شرعي حيث دفعت الجماهير حينها بقادة النظام الحاكم إلى سدة الحكم عبر صناديق الإقتراع،وليس عبر البندقية إذن الثورة الحقيقية لها أهدافها السياسية والإجتماعية والثقافية وتحمل في طياتها برامج إصلاحي متكامل فلا يمكن لحزب واحد أن يقوم بمفرده بعمل ثورة تصحيحة داخل المجتمع لأن الثورة تقودها الجماهير والمجتمع بكافة قطاعاته من الاحزاب السياسية والكيانات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني كما حدث في اكتوبر وابريل من ثورات سودانية خالصة قادتها الجماهير ونجحت في إسقاط الانظمة الشمولية الحاكمة في تلك الحقب (نظام عبود ونظام مايو) فكلا النظامين كانا يدعيا أنهما ثورة أيضًا فكان الرئيس نميري أكثر تشددًا في إطلاق مصطلح الثورة على نظام حكمه حيث كان يدعي الشرعية الثورية ويقدمه أركان حربه بقائد ثورة مايو الفتية بينما كانت الجماهير تنظر إليه بإعتباره إنقلابي أجهض النظام الشرعي المنتخب بالبلاد ..
في كل مرة يخرج علينا أحد قادة الانقاذ ليرجع بناء إلى مرحلة ماقبل إتفاقية نيفاشا الموقعة بين الحركة الشعبية وحكومة السودان ويريد أن يوقف قطار الإصلاح وتفكيك دولة الحزب الواحد لصالح الوطن بمشاركة كل الكيانات والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها بما فيها الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل ويرى قادة النظام أن الإنقاذ لازالت بخير برغم الواقع الجديد الذي فرضته نضالات الجماهير اليومية في سبيل استعادة حريتها وديمقراطية حكمها عبر الضغوط المتواصلة على النظام وقادته وبالرغم من ذلك يصُر قادة المؤتمر الوطني أن مقاليد الحكم لا زالت تحت سيطرة حزبهم الواحد ونسوا أو تناسوا أن واقعاً جديدا قد فُرض عليهم فرضاً ولم يكن منحه يمنحونها لما يشاءون ويمعنونها من لا ريجد الرضى عندهم لأسباب كثيرة من بينها الاتفاقيات الكثيرة التي وقعتها الحكومة مع عدد من الكيانات على راسها اتفاقية نيفاشا مرورا باتفاق جدة الاطاري والذي بدوره أفضى إلى توقيع إتفاق القاهرة وأسمرا والدوحة وغيرها تلك الإتفاقية التي وقعها النظام مرغماً وليس طائعاً لحسم ملفات عديدة كانت تهدد وجوده حقيقة لا مجازًا على سدة حكم البلاد فاختار طريق التفاوض مع تلك الجهات بعد أن أعلن قادته في بداية حكمهم أنهم أتوا عبر البندقية وأن من يريدها فليحمل السلاح،فكانت نتيجة تلك التصريحات أن حملت الأحزاب السلاح عبر التجمع الوطني الديمقراطي وظهرت عدد من الحركات المسلحة وحصدنا الثمار المرة جراء تلك التصريحات التي أرغمت الأحزاب الوطنية على حمل السلاح ولسان حالهم يردد الآية الكريمة (كُتب عليكم القتال وهو كُرهٌ لكم )..
وعشنا السنين العجاف التي غضت على الأخضر واليابس فتأثرت كل البلاد بهذه الحرب التي دارت في كل الجبهات في الشرق والغرب والجنوب بعدها قاد النظام المفاوضات وعقد عدداً من المصالحات عاد على قرارها معظم قادة الأحزاب وحاملي السلاح إلى الداخل بعد أن حكم النظام صوت العقل وغلبه على صوت البندقية .
قادة المؤتمر الوطني من حقهم أن يطلقوا على إنقلابهم على الشرعية الديمقراطية لفظ ثورة ومن حقنا أيضًا أن ندافع عن النظام الديقراطي فنحن عشاق الديمقراطية وشركاء في النظام الديمقراطي ونبذل كل ما بوسعنا لتوطين النظام الديمقراطي في البلاد إنطلاقاً من مبادئ حزبنا وقناعاتنا الراسخة بالحكم الدينقراطي الراشد ومحاربة الحكومات الديكتاتورية والشمولية بكافة أشكالها حتى لو إدعى قادتها الشرعية الثورية مجازاً،ففي نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح فنحن حملتنا الجماهير على أكتافها ودفعت بناء إلى كراسي السلطة لنمثلها عبر إنتخابات حرة ونزيهة جرت في العام 1986م فبعدها بثلاثة أعوام تمت عملية الإنقلاب على نظامنا الديمقراطي فمهما كانت مبرراته ودواعيه التي لا زال يطلقها قادته فإنه يُعد من قبيل المحرمات في الدول العظمى،والتي نسعى أن نكون في مصافها ثم إن دستورنا آنذاك كان يحرم أيضاً تقويض النظام الدستوري القائم في البلاد،كما ان الدستور الحالي يحرم أيضاً تلك الفعلة ويعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون فنحن ضد الإستيلاء على السلطة بطريقة غير شرعية،فالتعامل مع الأمر الواقع لا يعني تغيير القناعات بأي حال من الأحوال فكلما سعى محبي الديمقراطية إلى توطينها داخل البلاد خرج العسكر من ثكناته تدعمه بعض الأحزاب التي لا تثق في قوتها الجماهيرية ونفوذها وتغلغلها داخل المجتمع إلى التآمر على الديمقراطية وإجهاضها حتى فتحت الأبواب مشرعة إلى الناغمين على الأحزاب السياسية الوطنية الديمقراطية إلى طرح الأسئلة التي كثيرا ما نستغرب على طرحها على شاكلة (لقد حكمتم البلاد في الماضي ماذا قدمتم لنا ؟ فالاجابة الحاضرة تحتاج إلى فهم عميق تبدو اكثر صعوبة على المتلقي والمستمع ،فالمعطيات التي أمامه أن نظاماً حكم لعقدين كاملين ونيف قدم له الطرق والجسور وغيره،وإن النظام الديمقراطي ذو الثلاث سنوات لم يقدم له شيء،فاليُسأل السائل أيضاً هل قدمت الإنقاذ في الثلاث سنوات الأًولى شيئا للمواطن ؟ ليجد إجابتنا على أسئلته حاضرة في إجابته على سؤالنا ...
إنهاء الدردشة