المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باص ويرد (يلَه نغنَي للفكرة)!! (صحيفة الاتحادي الأصل)


علي الشريف احمد
08-18-2012, 11:56 PM
باص ويرد
(يلَه نغنَي للفكرة)!!
فيكتور هارا مغنى شيلى الذى قُتل فى متصف سبتمبر عام ثلاثة وسبعين.. يكتب ويغنى ويصرخ: (أغنيتى أغنية حرة تريد أن تمنح نفسها لكل من يمد يده لكل من يريد ان يحلق أغنيتى طوق لا أول له ولا آخر فى كل حلقة من حلقاته تجد أغنية من أغانى الآخرين فلنستمر فى غنائنا معا لكل من على الأرض)
هكذا هو هارا الذى تعلم الغناء يافعا من والدته المغنية التى كانت تصطحبه لبيوت الأفراح ومناسبات الحصاد،حتى صار شاعرا ومغنيا يكتب ويصدح حتى وهو فى السجن..
مقطع الرجل أعلاه لفتنى لما تمور به الساحة والساعة السودانية الآن من غثاء سيل أغان جارف لا يبقى ولا يذر، صارت حياتنا أغنية الجميع يغنون الأطفال والشباب والكبار(نساء ورجال) ويرقصون ويتراقصون
الفن - الغناء - صار أقرب الطرق للوصول لتحقيق المآرب وكما يقولون فى النظرية - البتكسب بيو العب بيو- فصاروا يلعبون بالغناء ومع ذلك يكسبون به ويتكسبون منه..والغريب أنهم يبحثون عن الشهرة وكثير منهم لا يستحقها،وبرامج الاذاعات والتلفزيونات صارت كلها غناء وأهازيج، لا يابهون لشهر رمضان أو غيره يحصدون المليارت من (عوائد) الإعلانات التى تروج لبضائع كاسدة عبر وخلال هذه البرامج الغنائية..
وكل الشباب صاروا يتمنون أن يصبحوا مغنيين وذلك لما يروا من نداوة وترطيبة وتغيير فسيولوجى وسيكولوجى وسوسولوجى يطرأ على المغنيين والمغنيات فى فترة وجيزة،فالشعر يتسبسب واللون يفتح والجضوم تنتفخ والعربات تتطاقش،ويتم تغيرها باستمرار وموبايلات وسفريات وهيلمانه وإهتمام من المعجبين والمعجبات،
وعلامات الدعة والراحة والترطيبة كل ذلك يجعل كم وتسعين فى المية من الشعب السودانى فنانين، والكم فى الميه الباقية يتمنون أن (يتفننوا) فى يوم ما.. وهناك السفر للدول الإفريقية والعربية وناس نيجيريا المغرمين بالغناء السودانى،وهناك الليالى التى تقام للفنانين حيين وميتين، وكل من هب ودب (داير) يغنى وعمنا المهتم بالاصوات والانامل صار همه اصوات بس،و فى كل عام يخرج دفعة جديدة من نجوم الغد والغناء.. الغريب أن هؤلاء مثل الفقاقيع، يظهرالواحد منهم لفترة ثم يختفي - كما سكر التموين - ويظهر غيره ويختفى وهكذا،ولا يضيفون شيئا لأنهم أصلا يغنون للآخرين أو يغنون أغنيات ماسخة ويغنون فقط من أجل القروش والشهرة والغُنا أما صاحبنا فيكتور هارا فهو يغنى للفكرة و(عبر الرقة المتناهية والبساطة الشديدة يتناول مشاغل الإنسان التى تصنع النسيج اليومى لحياته من خيوط الحب والقلق والفرح والخوف الملهم خيوط اللحظة والماضى والمستقبل) يغنى للعمال للأرض للبسطاء... للإنسان وقد غنى:(أنا لا أغنى لمجرد الغناء أو لاستعراض صوتي ولكن لأقول كلمتي على جيتاري (الشريف)، فقلب جيتاري مصنوع من طين الأرض) وقال موصيا: (علينا أن نجعل شعبنا يفهم واقعه من خلال أغنية الإحتجاج، أن يفهم واقع أصدقائه وأعدائه وعلينا من خلال الموسيقى - دون وضع لافتات كلاسيكية أو شعبية - أن نساعد شعبنا على نزع القناع عن وجه العالم المحيط وأن نغيره ليس بنبوءات الأصدقاء بل (نُفعِل) ذلك الشعب نفسه، وواجبنا أن نعطى لشعبنا هُويته المميزة حتى يتمثل نفسه فى فنًه.. ولهذا قتلوه!
فأين فنانينا المفلفة شعورهم،والمتبلد شعورهم من كل هذا،والذين يغنون فقط للغِنى والغناء والشهرة والإستعلاء والإفتراء؟؟؟